الشعر بديل الانتحار كانت إجابة أمل دنقل الشاعر العظيم حين سأله أحد الصحفيين: لماذا تكتب الشعر؟!
منذ نعومة أظافري إتخذت القلم خليلا والأوراق عالم من الخيالات والمشاعر
كانت الكتابة هي وسيلتي للتعبير عن مشاعري المضطربة في فترة مراهقتي
وظلت رفيقتي فيما تلى ذلك من سنوات
التدوين اليومي والشعر بقيا المتنفس الوحيد لفتاة تشعر بثقل روحها وعدم قدرتها على التعبير عما يجول بخاطرها يخونها لسانها فتتعرض للنقد او للاحراج بينمها ينساب القلم في يدها دون قلق أو توتر!
بالرغم من ذلك ظلت الكتابة وخاصة الشعر ألم لجرح لا يطيب ولا يهدأ!
وتفاقمت أزمتي حين إبتعدت عن الكتابة لمدة ثمان أعوام حين صارت مهامي الحياتية أكثر من الوقت الفعلي الذي يوفره اليوم، كنت كعادتي أكتب مهامي اليومية لأجدني في النهاية لم أنجز ربعها فيصيبني الإحباط وخيبة الأمل ولم يكن هناك وقت يمكنني اقتطاعه لأجلس إلى يومياتي ولا أن أقرا أوأكتب!
ثم إنتفضت بداخلي رغبة في الحياة بعد ثورة يناير
عدت أبحث عن ملامحي القديمة وعن هويتي ككاتبة اعتبرت الكتابة هامشا ورديا يعينها على الحياة ولكن هذه المرة عدت مسلحة بالعلم، بعدما أجريت الكثير من الإختبارات النفسية بنية تغيير مهنتي من صيدلانية لمتحدثة تحفيزية
كنت أجري الاختبارات وكلي يقين ان ما خلقت لأجله هو التحدث إلى الناس
بينما فاجئتني المدربة النفسية التي تابعت معي الأمر من البداية لتقول لي إنها الكتابة
اكثر الأشياء التي يمكنها جعلك سعيدة!!!
الكتابة ؟؟
كتبت طوال عمري وعانيت من تعاسة لا تنتهي
جادلتها كثيرا وانا في داخلي أعرف أنها على صواب
فعدت لأكتب!
ولخمس سنوات تالية اخرجت ديواني شعر بالعربية وآخر بالإنجليزية ولم اشعر ليوم واحد اني وصلت لمبتغاي….
كانت السعادة لحظية، وبدا الشعر كمخدر يرفعني إلى عنان السماء ثم أعاني بعد ساعات من أعراض الإنسحاب، ولكني أبقيت على توتر علاقتي به كأمل أن أصل لمعادلة تضعني يوما ما على طريق السعادة!
في الربع الأول من عام 2018 كنت أوشكت على إتمام ستة أشهر دون حرف جديد،
كنت كمريض يعاني ألما لا يجدي معه سوى المخدر الذي أدمنه….
بالإضافة إلى مشاكلي في العمل والبيت وتربية أبنائي وعلاقتي بمن حولي التي كانت تنقطع يوما بعد يوم ……
بالإضافة لعزلتي الإفتراضية على وسائل التواصل ……
بالإضافة للأخبار الموجعة والتفاصيل المزعجة التي تظهر على شاشة هاتفي كلما حركت إصبعي لأعلى …..
كان ينقصني أن يعتزلني الشعر!!!
تفاقم الأمر حتى وصلت لرغبة شديدة في إنهاء حياتي في بداية يوم ما
وحين أوشك اليوم على الانتهاء كنت على وشك الإنهيار لولا رحمة ربي
حينها سألت نفسي أين إختفى الشعر؟
ووجدت إجابة لم تخطر ببالي من قبل: أخفاه الخوف
تحررت من الخوف بكتابة كل مخاوفي في قصيدة طويلة فأشرقت روحي من جديد
حينها لم أعد أشحذ من الشعر حفنة من المسكنات ولكن بدات في التحري عن الامر والبحث فيه!
أنقذتني الكتابة كيف ولم؟
في جلسة تأملية راودتني فكرة اشعلتني حماسا …
كانت تعبيرات مثل التداوي بالفنون تتردد على ألسنة بعض صديقاتي وكنت بدأت أهتم بالأمر من باب تجربة شيء جديد،
سألت نفسي حينها الكتابة فن والشعر فن …أين التداوي بالكتابة وأين التداوي من الشعر؟؟
حبست أنفاسي وأنا أكتب الكلمات المفتاحية على جوجل ليصدمني الأمر
التداوي بالكتابة
التداوي بالشعر
التداوي بالقراءة !!!
ظللت أقرا العديد من الدوريات والأبحاث المنشورة وانا مبهورة كيف يكون الشعر علتي وقلقي وألمي بينما يستخدمه العلماء والشعراء منذ الستينيات في التداوي من الفقد والصدمات والأمراض المزمنة وتحسين الحالات المزاجية لمرضى السرطان والزهايمر وبعض المرضى النفسيين!!!
إحتاج الأمر مني ثلاثة شهور لأستطيع التواصل مع المعلم الأول لي الشاعر جون فوكس JOHN FOX رئيس ومؤسس مؤسسة الطب الشعري POETIC MEDICINE INSTITUTE
نعم كان ولائي الأول للشعر !
ومع المراسلات المستمرة بيني وبين جون
إكتشفت أنني لم أنهل من الشعر سوى القليل وأن ضفة نهره الجاري ستكون البداية لحياة جديدة!!
هالة عماد
Great content! Super high-quality! Keep it up! 🙂